الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تواصل الأزمة بين الأساتذة وناجي جلول: ابناء الشعب كبش فداء، فهل دقت ساعة الحسم؟

نشر في  15 مارس 2017  (11:16)

يبدو أن أزمة أساتذة التعليم الثانوي والأساسي مع وزارة التربية في تصاعد مستمر، أزمة انطلقت منذ سنة 2015 ولم تهدأ وتيرتها الى يومنا هذا، وبين تشبث الطرف النقابي بمطلبه الرئيسي المتمثل في اقالة وزير التربية ناجي جلول، وتمسك هذا الاخير ومعه رئاسة الحكومة بالمنصب وبأحقيته فيه، احتار المواطن وتشتت ذهن التلميذ، ولعل السؤال المحوري اليوم والذي يجب ان ندق من اجله كل نواقيس الخطر الممكنة: هل سيتكرر سيناريو السنة الدراسية 2014 ـ 2015، وتضطر  رئاسة الحكومة الى اتخاذ قرار الارتقاء الآلي الى المستوى الاعلى، وهو ما لا يجب حصوله، اذا فكرت كل الاطراف في مصلحة التلميذ ومستواه التعليمي الذي سيشهد حتما تراجعا امام تواصل الاضرابات وتكرر تعليق الدروس».

ولعل ما يدفعنا الى طرح هذا الموضوع هو ما قررته الهيئة الادارية لنقابة التعليم الثانوي ، بتعليق الدروس بالمدارس والمعاهد الثانوية ابتداء من يوم 27 مارس الجاري، والدخول في اضراب مفتوح، وتأتي هذه القرارات بعد سلسلة من التحركات لعل اهمها اضراب غرة مارس وتنفيذ الآلاف من اساتذة التعليم الثانوي تجمعا وطنيا امام وزارة التربية  تلته آنذاك  مسيرة باتجاه ساحة الحكومة بالقصبة ثم إلى بطحاء محمد علي.

وتتواصل الأزمة ...

قرار واجهه وزير التربية ناجي جلول بتأكيده ضرورة التوصل إلى حل مع نقابات التعليم واتحاد شغل للتغلب على كل الاشكاليات، مضيفا أن ثقته كبيرة في جمهورية المعلمين والمربين المنخرطين في عملية الاصلاح التربوي، وأن هناك متسعا من الوقت لإيجاد حلول مع نقابتي التعليم الثانوي والأساسي، قبل الدخول في الإضراب المفتوح يوم 27 مارس .
لكن ولئن تفاءل وزير التربية بايجاد حل جذري مع الطرف النقابي، فانه وجب التأكيد أن الهيئة الادارية لنقابة التعليم الثانوي لخصت مطلبها في ايجاد بديل لوزير التربية ناجي جلول لتحقيق الاستقرار في المؤسسات التربوية، أي أن الاستقرار الذي تحدث عنه الوزير لن يكون الا باقالته، وهو أمر غير مطروح حسب ما اكدته رئاسة الحكومة في آخر بلاغ لها.
ونذكر أن ما زاد في تمسك الطرف النقابي بمطلبه، هو اقدام ناجي جلول خلال شهر فيفري المنقضي بتوجيه مذكرة للمديرين الجهويين للتربية يطالبهم فيه باقتطاع 3 يومي من اجور الاساتذة والمعلمين المشاركين في اضرابات يومي 5 جانفي و22 فيفري، كما نصت المذكرة على إقتطاع 3 أيام من أجور مديري المؤسسات التربوية الذين لم يرسلوا قائمات المدرسين المضربين، وهو ما اعتبره الطرف النقابي تعديا على كرامتهم .
كما نذكر بأن كاتب عام نقابة التعليم الثانوي لسعد العقوبي سبق له وان اكد أن النقابة لن تتنازل عن حقوق المربين وكرامتهم، وان تحركهم لن يهدأ طالما الوزير الحالي ناجي جلول الذي اهانهم على رأس الوزارة، مضيفا ان هدفهم هو ايجاد بدائل تخدم المدرسة العمومية وبناء اصلاح حقيقي في ظل ما اعتبره «تهميشا للوضع التربوي واهانة للمربين من الوزير وتعميق ازمة المدرسة العمومية بقرارات ارتجالية وقرارات تستهدف مجانيتها وعموميتها».
ووصف الوضع التربوي القائم بأنه صراع بين مشروع وطني حقيقي يحمله المدرسون ويؤمنون به وهو مشروع تونس والمدرسة العمومية ومدرسة الفقراء قبل الاغنياء وبين مشروع اخر يتلقى املاءاته من البنك الدولي، وفق قوله.
كما سبق  أن رفع الأساتذة شعارات من قبيل «الخــروج الخــروج يا وزير السينُوج» و»التعليم مش للبيع يا حكومة التجويع»، واكدوا انهم لن يتراجعوا عن مطالبهم ما لم تتم اقالة وزير التربية والقضاء على المشاريع التي ينوي رئيس الحكومة يوسف الشاهد القيام بها والمتجهة نحو خوصصة المؤسسات العمومية باملاءات خارجية من المؤسسات المانحة اساسها صندوق النقد الدولي.

الأولياء بصوت واحد: مستعدون للتحالف مع الشيطان من اجل انجاح السنة الدراسية  

وبين تشبث الطرف النقابي بموقفه، ورفض الوزارة ورئاسة الحكومة تنفيذ مطالب الأساتذة كان للأولياء رأي مخالف... أخبار الجمهورية نزلت الى الشارع وكان لنا لقاء مع بعض الأولياء
في البداية التقينا احد الأولياء ويدعى فوزي ان الخلاف الذي يجمع الاطراف النقابية بوزير التربية هو خلاف شخصي لكن هذه الاطراف ابت الا ان تقحم التلاميذ في هذا الصراع، مضيفا ان نقابات التعليم تهدّد بتعليق الدروس وبالتالي افشال السنة الدراسية في تجاهل تام لتضحيات الأولياء من اجل تفوق ابنائهم، ناهيك عن تكاليف التعليم الباهظة، على حد تعبيره، واكد محدثنا انه من الغباء اقحام التلميذ في هذه المزايدات معتبرا أن صراع النقابات ليس من اجل تحسين البرامج او خدمة للتلميذ او اصلاح التعليم بل من اجل تنحية وزير كما بين ان الأزمة المطروحة اليوم هي أزمة أسماء وتغيير مناصب لا غير، معبرا عن امله في تجاوز هذه الخلافات والارتقاء بمستوى النضال، وعدم اعتبار التلميذ مجرد كبش فداء، كما وجه نداء الى كل الاطراف وهو التفكير مليا قبل الاقدام على خطوات من شأنها التأثير على مصير التلاميذ، كما بين ان اتخاذ هذه الخطوة من شأنه ان يفقد اتحاد الشغل جزءا كبيرا من مناصريه  ..
من جهته اكد احسان الامام وهو نقابي ان المطلوب اليوم هو الجلوس حول طاولة الحوار وايجاد حل جذري لكل الخلافات، بعيدا عن الاعتصامات والاضرابات، مبينا ان الولي بات في حيرة من امره ويجهل مصير ابنائه، كما ذكر ان وزير التربية وكل نقابي في الحقل التربوي مطالبون بالتفكير في مصير التلميذ لأنهم في نهاية الأمر أولياء وما لا يتمنونه لأطفالهم لا يجب ان يتمنوه لأبناء الشعب على حد تعبيره، موضحا ان عامة الناس غير قادرين على ادخال اطفالهم الى المدارس الخاصة وبالتالي على كل الاطراف التفكير مليا قبل اتخاذ اي خطوة من شأنها ان تؤلب الرأي العام، واشار محدثنا إلى ان الاضرابات المتتالية اضرت كثيرا بالتلاميذ، حيث اصبح الشارع يؤويهم حين تغلق مدارسهم، مضيفا ان البلاد تمر بفترة حساسة واصلاحها يتطلب تضحيات من كل الأطراف، وحمل محدثنا المسؤولية للوزير والاطراف النقابية معا مؤكدا انهم خيروا الحلول القصوى ولم يحاولوا الجلوس على طاولة الحوار وايجاد حل يرضي جميع الاطراف.

الاطراف الوزارية والنقابية تتلاعب بمصير التلاميذ

أما السيدة ايناس فذكرت ان تعليق الدروس هو قرار خاطئ وان ضحية هذه القرارات غير المسؤولة على حد تعبيرها هو التلميذ، مؤكدا ان كل الاطراف الوزارية والنقابية تتلاعب بمصير التلاميذ وان مستوى التعليم في تونس تراجع كثيرا مبينة ان مستوى ابنها تراجع في دراسته رغم ما تبذله من مجهود وذلك بسبب تدهور برامج التعليم، واشارت محدثتنا إلى ان الأضرار التي طالت التلاميذ لم تقتصر على الجانب التعليمي بل ايضا الاخلاقي، ولئن اكدت ان الحق في الاضراب هو حق دستوري، فانها اشارت الى أن هذا الحق يتلاشى مع مصلحة التلميذ.
وذكرت ولية التقينا بها أن الصراع بين النقابات ووزير التربية يجب ان ينتهى لأن التلميذ هو المتضرر الوحيد من هذه الخلافات، كما اكدت محدثتنا ان وزير التربية قام بعديد الانجازات التي تحسب له، وساهم في تحسين مستوى التعليم، وطالبت من النقابات منح الوزير فرصة من اجل اكمال مشروعه التربوي ثم مساءلته ومحاسبته ان هو اخفق، وحملت محدثتنا المسؤولية كاملة لنقابات التعليم مؤكدة ان صراعهم مع الوزير هو صراع شخصي ومن اجل الاطاحة به لا غير، وعبرت عن مساندتها للوزير .
«الزوالي» كبش فداء ...
شأنها شأن كل من التقينا بهم اكدت السيدة نجاة انها ضد موقف النقابة وتعليق الدروس لان المتضرر الوحيد هو التلميذ، مضيفة ان الطرف النقابي لا يجب ان يتخذ من التلميذ وسيلة وكبش فداء في حربه مع الوزير، وذكرت من جهة اخرى انها ضد اقالة وزير التربية ناجي جلول، معللة رأيها بكون الاطراف النقابية لم تمنح له الفرصة من اجل اثبات نجاعته وطرح مشروعه، حيث هاجمته منذ توليه منصبه الوزاري، وحاولت عرقلته وازاحته من طريقها مهما كلف الامر، وطالبت محدثنا كلا من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية بالتدخل الفوري وايقاف هذه المهزلة على حد تعبيرها .
سيدة اخرى رفضت الكشف عن اسمها، اكدت انها مستعدة للتحالف مع الشيطان من اجل انجاح السنة الدراسية، وأوضحت ان الاولياء لا يعنيهم صراع ناجي جلول ونقابات التعليم وان همهم الوحيد هو تفوق ابنائهم ونجاحهم، وعدم الاضطرار للمرور بسنة بيضاء حيث قالت: «في المرة السابقة أعلنت الحكومة عن قرار الارتقاء الآلي لكل التلاميذ وفي السنة اللاحقة وجدنا تلاميذ ارتقوا بمعدلات ممتازة يدرسون في نفس الصفّ مع تلاميذ ارتقوا آليا بمعدّلات هزيلة جدا... كيف يتعامل المربّون مع تلاميذ جدد نجحوا اليا دون اختبارات ودون امتحانات...ماذا نفعل في سنة كاملة.. مصاريف وأدوات مدرسية وبحوث وملفّات ومشاريع القسم...ولمج.. ثمّ تعلّق الدروس ويقولون لنا.. عفوا .. سنة بيضاء... لا لتعليق الدروس.. لا للسنة البيضاء».

لا للدخول مجددا في مسلسل الاضرابات

من جهتها اقترحت السيدة امل بكاري، الجلوس على طاولة الحوار بين الاطراف النقابية والوزارة وتجنب قرار تعليق الدروس والدخول مجددا في مسلسل الاضرابات، وطالبت محدثتنا كل الاطراف بتحكيم العقل دون اشراك التلاميذ في هذه المهازل على حد وصفها .
وختام جولتنا كان مع السيدة خولة التي اكدت ان امكانيات عامة الشعب لا تسمح باقحام اطفالهم في منظومة التعليم الخاص، وخاصة من هم في الارياف والمناطق الداخلية وان التعليم العمومي هو الحل الوحيد بالنسبة لهم، وبالتالي وجب على كل الاطراف المحافظة على هذا المكسب، وعدم اقحام التلاميذ في مشاكل نقابية وسياسية لان «الزوالي» هو المتضرر الوحيد من هذه الصراعات على حد تعبيرها لأن ميسور الحال بامكانه ادخال اطفاله المدارس الخاصة وتجنب هذه الاشكالات، واقترحت محدثتنا تأجيل هذه الصراعات الى العطلة الصيفية اي بعد اكمال السنة الدراسية بسلام .

تحقيق من إعداد: سناء الماجري